كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال شارحه الحطاب: انظر إذا كان به جروح متعددة، وألصق على كل واحد منها خرقة، دون الدرهم والمجموع كدرهم، أو أكثر. وظاهر ما في التوضيح، وابن الحاجب: أنه لا شيء عليه. انتهى. وسمع ابن القاسم: لا بأس، ولا فدية في جعل فرجه في خرقة عند النوم فإن لفها على ذكره لبول، أو مذي افتدى. انتهى بواسطة نقل المواق. ولا يجوز تغطيتها بالقطن، وكذلك لو جعل على صدغه قرطاسًا تلزمه الفدية عندهم، سواء كان ذلك لعذر أو لغير عذر، ولا يجوز عندهم عصب رأسه بعصابة، فإن فعل افتدى. ويكره عندهم لبس لامصبوغ بغير طيب، لمن يقتدى به خاصة دون غيره، إذا كان لون الصبغ يشبه لون صبغ الطيب: ويكره عندهم شد نفقته بعضده أو فخذه أو ساقه، ولا فدية عليه في ذلك، وإن شد عضده، أو ساقه، أو فخذه بما يحيط به لغير نفقة أو لنفقة غيره افتدى. وإن شد نفقته، وجعل معها نفقة لغيره فلا بأس، فإن فرغت نفقته ألقى المنطقة ونحوها مما كان يشده لحفظها ورد نفقة غيره إلى ربها فورًا، وإن ترك ردها إليه افتدى، وإن ذهب صاحبها، وهو عالم افتدى، وإن لم يعلم فلا شيء عليه. انتهى من المواق. ويكره عند المالكية: كب المحرم وجهه على الوسادة، وبعضهم يقول: بكراهة ذلك مطلقًا للمحرم وغيره. وهو الأظهر، ويكره عندهم غمس رأسه في الماء، وإن فعل ذلك أطعم شيئًا، قاله مالك في المدونة ونقلناه بواسطة نقل المواق والحطاب، وعن بعضهم: أن إطعام الشيء، المذكور مستحب لا واجب، وهذا في حق من له شعر يكون فيه القمل. أما من لا شعر له، ولا يكون فيه القمل فلا يكره غمس رأسه في الماء، ولا شيء عليه فيه قاله اللخمي، وصابح الطراز. انتهى بواسطة نقل الحطاب. وغسل الرأس لجنابة: لا خلاف فيه. أما غسله لغير جنابة بل للتَّبرُّد ونحوه: ففيه عندهم قولان: بالجواز، والكراهة والجواز: أظهر. والله تعالى أعلم.
ومذهب أبي حنيفة في هذه المسألة أنه إن لبس اللبس الحرام، ويدخل فيه تغطية الرأس كما تقدم لا يلزمه بذلك دم، إلا إذا لبسه يوما كاملًا لأن اليوم الكامل مظنة الانتفاع باللبس، من حر أو برد، وعن أبي يوسف: أنه إذا لبس أكثر من نصف يوم، فعليه دم وهو قول أبي حنيفة الأول، عن محمد: أنه إن لبسه في بعض اليوم يجب عليه من الدم بحسابه. اهـ. هذا هو حاصل مذهب أبي حنيفة وصاحبيه في هذه المسألة.
وقد قدمنا مرارًا أن مثل ذلك إن كان فعله لعذر ففيه عندهم فدية الأذى، وإن كان لغير عذر، ففيه الدم، والعلم عند الله تعالى.
والظّاهر: أن اختلافهم في القدر الذي تلزم به الفدية في اللبس الحرام من نوع الاختلاف في تحقيق المناط والله تعالى أعلم.
ولو ارتدى بالقميص أو اتشح به، أو اتزر بالسراويل، فلا بأس، ولا يلزمه شيء عند الحنفية كما قدمنا عن غ يرهم، وكذلك لو أدخل منكبيه في القباء، ولم يدخل يديه في الكمين، فلا شيء عليه عندهم خلافًا لزفر وقد بيَّنَّا حُكْم ذلك عند غيرهم وعن أبي حنيفة: تغطية ربع الرأس كتغطية جميعه، وعن أبي يوسف: أنه يعتبر في ذلك الأكثر ودوام لبس المحيط عندهم بعد الإحرام كابتدائه، وهو كذلك عند غيرهم أيضًا.
واعلم أن النووي قال في شرح المهذب: وله يعني: المحرم أن يتقلد المصحف وحمائل السيف وأن يشد الهميان والمنطقة في وسطه، ويلبس الخاتم، ولا خلاف في جواز هذا كله، وهذا الذي ذكرناه في المنطقة والهميان مذهبنا وبه قال العلماء كافة إلا ابن عمر في أصح الروايتين عنه، فكرههما وبه قال نافع مولاه.
وقد علمت أنا ناقشناه في كلامه وبينَّا: أن مالكًا وأصحابه لا يجيزون شد المنطقة والهميان، إلا تحت الإزار مباشرًا جلده لخصوص النفقة، وأن شد الهميان فوق الإزار فيه عندهم الفدية مطلقًا، وكذلك تحت الإزار لغير حفظ النفقة، وأن الإمام أحمد تلزم عنده الفدية في شد المنطقة لغير حفظ النفقة: أي ولو كان لوجع بظهره، وسنتمم الكلام هنا. أما ما ذكره من أن لبس الخاتم لا خلاف في جوازه للمحرم، ففيه نظر أيضًا، لأن بعض العلماء يقول: بمنع لبس المحرم الخاتم والخلاف في جواز لبسه ومنعه معروف في مذهب مالك.
قال الشيخ الحطاب في كلامه على قول خليل في مختصره: مشبهًا على ما لا يجوز لبسه للمحرم كخاتم ما نصه: قال ابن الحاجب: وفي الخاتم قولان، فحملهما في التوضيح على الجواز والمنع. وقال اللخمي وابن رشد: المعروف من قول مالك: منعه، لأنه أشبه بالإحاطة بالإصبع المحيط، وفي مختصر ما ليس في المختصر: لا بأس به. إلى أن قال: فالذي يظهر أن القائل بالمنع يقول: بالفدية، والقائل بالجواز يقول: بسقوط الفدية. انتهى منه.
ثم قال: تنبيه: وهذا في حق الرجل، وأما المرأة فيجوز لها لبس الخاتم. اهـ.
وبما ذكرنا تعلم أن قول النووي، ولا خلاف في جواز هذا كله. فيه نظر، وأما تقلد حمائل السيف فعند المالكية، إن كان لعذر يلجئه إلى ذلك، فهو جائز له، ولا فدية فيه، فإن تقلده لغير حاجة فقد قال ابن الموّاز عن مالك: ينزعه ولا فدية عليه انتهى بواسطة نقل المواق في كلامه على قول خليل في مختصره، ولا فدية في سيف، ولو بلا عذر. اهـ. وظاهر قوله: ينزعه أنه لا يجوز تقلد السيف اختيارًا عنده كما ترى، والعلم عند الله تعالى.
وظاهر مذهب الإمام أحمد: أنه لا يجوز للمحرم، أن يتقلد السيف إلا لضرورة، وقال الخرقي: ويتقلد بالسيف عند الضرورة، وقال في المغني في شرحه لكلام الخرقي: فأما من غير خوف، فإن أحمد قال: لا إلا من ضرورة. انتهى محل الغرض منه.
وقال البخاري في صحيحه في كتاب الحج: باب لبس السلاح للمحرم، وقال عكرمة: إذا خشي العدو، لبِسَ السلاح وافتدى ولم يتابع عليه في الفدية.
حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي الله عنه «اعتمر النَّبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يَدَعُوه يدخل مكة، حتى قَاضَاهُمْ لا يدخل مكة سلاحًا إلا في القراب» اهـ منه.
وقوله: ولم يتابع عليه في الفدية، يدل على أنه توبع في لبس السلاح للضرورة، لأن معنى قاضاهم: لا يدخل مكة سلاحًا إلا في القراب، أنه صالح كفار مكة صلح الحديبية، أنه إن دخل معتمرًا عام سبع في ذي القعدة لا يدخل مكة السيوف إلا في أغمادها، والقراب غمد السيف، فدل ذلك على جواز دخول المحرم متقلدًا سيفه للخوف من العدو.
وقال البخاري في صحيحه في باب عمرة القضاء: حدثني عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال «لما اعتَمَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة، حتى قضاهم على أ، يقيم بها ثلاثة أيَّام» الحديث بطوله، وفيه «فكتب هذا ما قَاضَى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل مكة السلاح إلا السيف في القراب» الحديث. وفي لفظ للبخاري في كتاب الصلح «لا يدخُلُ مكة سلاحٌ إلا في القراب» وفي لفظ له في كتاب الصلح أيضًا «ولا يدخلها إلا بجُلُبان السلاح» فسألوه ما جُلُبَّان السلاح؟ فقال: «القراب بما فيه» والجلبان بضم الجيم واللام وتشديد الباء الموحدة بعدها ألف، ثم نون: هو قراب السيف ويطلق على أوعية السلاح، ويروى بتسكين اللام، وتخفيف الباء، وهو شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغمودًا.
وقال صاحب اللسان: والقراب غمد السيف والسكين، ونحوهما وجمعه قُرب أي بضمتين، وفي صحاح الجوهري: قراب السيف: جفنه وهو وعاء يكون فيه السيف بغمده، وحمالته. اهـ. والقراب ككتاب ومن جمعه على قُرب بضمتين قوله:
يا ربةَ البيت قومي غير صاغرةٍ ** ضُمي إليك رحالَ القومِ والقُربَا

يعني: ضمي إليك رحالهم وسلاحهم، في أوعيته.
وبهذه الأحاديث: استدل بعض أهل العلم على أن الصحابة دخلوا مكة محرمين عام سبع وهم متقلدو سيوفهم في أغمادها، وأن ذلك لعلة خوفهم من المشركين، لأن الكفار لا يوثق بعهودهم.
وقد علمت أن بعض أهل العلم قال: إن ذلك لا يجوز إلا لضرورة، والله تعالى أعلم.
وللمخالف أن يقول: إن الأحاديث المذكورة ليس فيها التصريح بأن النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه تقلدوها. ويمكن أن يكونوا حملوا السلاح معهم في رحالهم في أوعيته من غير أن يتقلدوه، وعلى هذا الاحتمال، فلا حجة في الأحاديث على تقلد المحرم حمائل السيف، والعلم عند الله تعالى.
الفرع الخامس عشر: قد بينا في هذه المسألة التي هي مسألة ما يمتنع على المحرم بسبب إحرامه أنه يمنع من الطيب، وسنذكر إن شاء الله في هذا الفرع ما يلزم في ذلك.
اعلم: أن الأئمة الثلاثة: مالكًا، والشافعي، وأحمد: لا فرق عندهم، بين أن يطيِّب جسده كله أو عضوًا منه، أو أقل من عضو، فكل ذلك عندهم إن فعله قصدًا يأثم به، وتلزمه الفدية.
وقال أبو حنيفة: لا تجب عليه الفدية إلا إذا طيب عضوًا كاملًا، مثل الرأس، والفخذ، والساق: فإن طيب أقل من عضو فعليه الصدقة، وهي عندهم نصف صاعٍ من بُرٍّ أو صاع من غيره، كتمر وشعير. وقد قدمنا مرارًا أن مذهب أبي حنيفة: أنه إن فعل المحظور، كاللباس، والتطيب، لا لعذر، فعليه دم، وتُجزِئُه شاة وإن فعله لعذر فعليه فدية الأذى المذكورة في آية الفدية، على التخيير، وإن أكل المحرم طيبًا كثيرًا: لزمه الدم عند أبي حنيفة، وقال صاحباه محمد وأبو يوسف: تجب في ذلك الصدقة، وعن محمد: أنه إن طيب أقل من عضوٍ لزمه بحسبه من الدم فإن طيب ثلث العضو، فعليه ثلث دم مثلًا، وهكذا، وعن بعض الحنفية: أنه إن طيب ربع عضوٍ: لزمه الدم كاملًا كحلق ربع الرأس، فهو عندهم كحلق جميعه وهذا خلاف المشهور في تطيب بعض العضو عندهم. وظاهر كلامهم أنه لو جعل طيبًا كثيرًا على بعض عضو، فليس عليه إلا الصدقة. وصحح بعض الحنفية: أنه إن كان الطيب قليلًا فالعبرة بالعضو، وإن كان كثيرًا فالعبرة بالطيب، وله وجه من النَّظر، وعن بعض الحنفية أن من مس طيبًا بأصبعه، فأصابها كلها فعليه دم. وعن أبي يوسف: إنْ طيَّبَ شاربَه كله أو يقدره من لحيته، أو رأسه فعليه دم، وعن بعض الحنفية: أنه إن اكتحل بكحل مطيب، فعليه صدقة، ومثله الأنف، فإن فعل ذلك مرارًا كثيرة فعليه دم، وفي مناسك الكرماني: لو طيب جميع أعضائه فعليه دم واحد، لاتحاد الجنس، ولو كان الطيب في أعضاء متفرقة يجمع ذلك كله، فإن بلغ عضوًا: فعليه دم، وإلا فصدقة، ولو شم طيبًا فليس عليه شيء، وإن دخل بيتًا مجمرًا، فليس عليه شيء، وإن أجمر ثوبه، فإن تعلق به كثيرًا، فعليه دم، وإلا فصدقة. اهـ. من تبيين الحقائق.
وقال بعض الحنفية: إن طيب أعضاءه كلها في مجلس واحد فعليه دم واحد كما تقدم، وإن كان ذلك في مجلسين مختلفين، فعليه لكل واحد دم في قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، سواء ذبح للأول أو لم يذبح.
وقال محمد: إن ذبح للأول، فكذلك، وإن لم يذبح فعليه دم واحد، والاختلاف فيه كاختلاف في الجماع. اهـ.
وأظهرها عندي قول محمد: والحناء عندهم طيب، فلو خضب رأسه بالحناء، لزمه الدم. واستدلوا بحديث الحناء طيب. قالوا رواه البيهقي. وسيأتي ما يدل على أن البيهقي رواه في المعرفة، وفي إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف. وقد روى البيهقي عن عائشة مرفوعًا، ما يدل على أن الحناء ليس بطيب، والعلم عند الله تعالى: هذا حاصل مذهب أبي حنيفة وأصحابه في الطيب للمحرم.
وأما مذهب مالك في الطيب للمُحرم فحاصله: أن الطيب عندهم نوعان: مذكر ومؤنث، أما المذكر فهو ما يظهر ريحه، ويخفى أثره: كالريحان، والياسمين، والورد، والبنفسج ونحو ذلك. وأما المؤنث: فهو ما يظهر ريحه، ويبقى أثره: كالمسك والورس والزعفران والكافور والعنبر والعود ونحو ذلك. فأما المذكر فيكره شمه والتطيب به، ولا فدية في مسه، والتطيب به ولو غسل يديه بماء الورد، فلا فدية عليه عندهم في ذلك، لأنه من الطيب المذكر، خلافًا لابن فرحون في مناسكه حيث قال: إن ماء الورد فيه الفدية لأن أثره يبقى، وممن قال: بأن الطيب المذكر لا فدية في استعماله: عثمان بن عفان، والحسن، ومجاهد، وإسحاق. وأما ما ينبت في الأرض من النبات الطيب الريح ولا يقصد التطيب به، كالشيح، والقيصوم، والزنجبيل، والإذخر، فلا فدية فيه عندهم، فهو كريح الفواكه الطيبة كالتفاح والليمون، والأترج وسائر الفواكه وبعض أهل العلم يكره شمه للمحرم، وإن خضب رأسه أو لحيته بحناء، أو خضبت المرأة رأسها أو رجليها، أو طرفت أصابعها بحناء فالفدية عندهم واجبة في ذلك. وأما مؤنث الطيب: كالمسك، والورس، والزعفران، فإن التطيب به عندهم حرام، وفيه الفدية.
ومعنى التطيب بالطيب عندهم: إلصاقه بالثوب، أو باليد وغيرها من الأعضاء، ونحو ذلك، فإن علق به ريح الطيب دون عينه بجلوسه في حانوت عطار، أو في بيت تجمر ساكنوه، فلا فدية عليه عندهم مع كراهة تماديه في حانوت العطار أو البيت الذي تجمر ساكنوه، هذا هو مشهور مذهب مالك. وإن مس الطيب المؤنث افتدى عندهم، وحد ريحه أولًا، لصق به أولًا، ويكره شم الطيب عندهم مطلقًا.
وأظهر أقوال علماء المالكية في الثوب المصبوغ بالورس، والزعفران: إذا تقادم عهده، وطال زمنه حتى ذهبت ريحه بالكلية: أنه مكروه للمحرم، ما دام لون الصبغ باقيًّا ولَكِنه لا فدية فيه لانقطاع ريحه بالكلية.
وأقيس الأقوال: أنه يجوز مطلقًا، لأن الرائحة الطيبة التي منع من أجلها زالت بالكلية، والعلم عند الله تعالى. وإن اكتحل عندهم بما فيه طيب، فالفدية، ولو لضرورة مع الجواز للضّرورة وبما لا طيب فيه فهو جائز للضّرورة ولغيرها، فثلاثة أقوال مشهورها: وجوب الفدية على الرجل، والمرأة معًا، وقيل: لا تجب عليهما، وقيل: تجب على المرأة دون الرجل.
وحاصل مذهب الإمام أحمد في هذه المسألة: أن النبات الذي تستطاب رائحته على ثلاثة أضرب:
أحدها: ما لا ينبت للطيب ولا يتخذ منه، كنبات الصحراء من الشيح، والقيصوم، والخزامي والفواكه كلها من الأترج، والتفاح وغيره، وما ينبته الآدميون لغير قصد الطيب، كالحناء والعصفر، وهذا النوع مباح شمه في مذهب الإمام أحمد، ولا فدية فيه.
قال في المغني: ولا نعلم فيه خلافًا إلا ما روي عن ابن عمر أنه كان يكره للمحرم: أن يشُمَّ شَيئًا من نبات الأرض من الشيح والقيصوم وغيرهما قال: ولا نعلم أحدًا أوجب في ذلك شيئًا فإنه لا يقصد للطيب، ولا يتخذ منه فأشبه سائر نبات الأرض. وقد روي أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كنَّ يحرمن في المعصفرات.
النوع الثاني: ما ينبته الآدميون للطيب، ولا يتخذ منه طيب، كالريحان، والنرجس، ونحو ذلك وفي هذا النوع للحنابلة وجهان.
أحدهما: يباح بغير فدية كالذي قبله.
قال في المغني: وبه قال عثمان بن عفان، وابن عباس، والحسن، ومجاهد، وإسحاق.
والوجه الثاني: يحرم شمه، فإن فعل فعليه الفدية.
قال في المغني: وهو قول جابر، وابن عمر، والشافعي، وأبي ثور، لأنه يتخذ للطيب فأشبه الورد. وكرهه مالك، وأصحاب الرأي، ولم يوجبوا فيه شيئًا، وكلام أحمد فيه محتمل لهذا، فإنه قال في الريحان: ليس من آلة المحرم، ولم يذكر فديته، وذلك لأنه لا يتخذ منه طيب، فأشبه العصفر. اهـ. من المغني.
والنوع الثالث عندهم: هو ما ينبت للطيب، ويتخذ منه طيب كالورد والبنفسج والياسمين، ونحو ذلك. وهذا النوع إذا استعمله، وشمه ففيه الفدية عندهم، لأن الفدية تجب فيما يتخذ منه، فكذلك في أصله. وعن أحمد رواية أخرى في الورد: أنه لا فدية عليه في شمه، لأنه زهر كزهر سائر الشجر.